"بل لوازم علوه من خصائصه، وهي حملُهُ بقدرته للسافل، وفقر السافل، وغناه هو سبحانه عن السافل".
هذه اللوازم هي لوازم علو الله أيضاً، فهي من خصائصه عز وجل: ((
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ))[فاطر:41]، فهو الذي يحمل بقدرته العرش وما دونه، فالله هو الذي يمسك العرش ويمسك كل مخلوقاته بقدرته عز وجل، فهي التي تحتاج وتفتقر إليه، وهو الغني عنها الكبير المتعال الذي لا يحتاج إليها أبداً، وهو المحيط عز وجل بكل شيء كما سبق إيضاح ذلك من النقل والعقل "فهو فوق العرش مع حمله بقدرته للعرش وحملته" فالعرش، وحملة العرش، والكرسي، والسماوات، والأرض وسائر المخلوقات يمسكها الله عز وجل ويحملها بقدرته، قال: "وغناه عن العرش، وفقر العرش إليه، وإحاطته بالعرش، وعدم إحاطة العرش به، وحصره للعرش، وعدم حصر العرش له" ذكر كل هذا الكلام؛ ليدفع لوازم أهل الأهواء التي هي محض تقول على الله تعالى، ولو جئنا ببعض ما قاله
أهل الكلام لرأينا العجب، ولأصابنا الملل من الكلام السمح الذي يقولونه مما لا يليق بالله تعالى.
ومن أقرب الأمثلة على ذلك كتاب التفسير الكبير للفخر الرازي حيث تجدون من هذه الأقاويل الشيء الكثير، وكما قال ابن القيم رحمه الله لما ذكر قوله في رسالة آدم في قوله: "لعل آدم وحواء فهما من قوله تعالى: ((وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ))[البقرة:35] أن النهي هو للاجتماع لا للافتراق، يعني: لا تأكلا معاً، لكن لو أكل كل واحد منكما وحده لكان جائزاً؛ فأكلا" يقول ابن القيم : " وا أسفاه على المحابر والصحف التي يسود فيها مثل هذا الكلام!" يعني: هذا الكلام لا يساوي الحبر والصحيفة التي كتب عليها.
وتجدون كذلك بعض هذه الأقاويل في الشروحات المتأخرة على كتاب المواقف وكتاب النسفية، فيأتون بلوازم وخيالات باطلة يتحاشى اللسان عن ذكرها.